الثلاثاء، 15 مايو 2012

درس فرنسي للعرب رأي القدس





تسلم فرانسوا هولاند يوم امس مهامه كرئيس للجمهورية الفرنسية في حفل بسيط متواضع يتناسب مع الظروف الاقتصادية السيئة التي تعيشها بلاده ومع افكاره وايديولوجيته كمرشح اشتراكي وليقدم في الوقت نفسه صورة مغايرة عن صورة سلفه نيكولا ساركوزي الاستعراضية الباذخة.
دروس كثيرة يمكن استخلاصها من خلال متابعة مراسم انتقال السلطة في فرنسا عبر شاشات التلفزة أبرزها ان الخطاب الاول للرئيس الجديد كان مختصرا وشاملا ولم يستغرق اكثر من 11 دقيقة، وهم رقم يستحق التوقف عنده بالنسبة الينا كعرب حيث تمتد خطابات بعض الرؤساء الى حوالى ثلاث ساعات.
هولاند، او اولاند مثلما يخاطبه الفرنسيون، شدد على المصالحة الوطنية واكد على ضرورة انهاء الخلافات والانقسامات وتعهد بان تكون هذه الاهداف على قمة اولوياته كرئيس للجمهورية.
الرئيس الفرنسي الجديد كان حريصا على القول بانه سيكون رئيسا لكل الفرنسيين بغض النظر عن مواقفهم السياسية، واشار الى ان واجبه الاول 'ان يعيش جميع الفرنسيين معا دون تمييز لجهة الاصل او المسار او مكان الاقامة وفق القيم نفسها التي هي قيم الجمهورية'.
هذا كلام على درجة كبيرة من الاهمية اذا وضعنا في عين الاعتبار الحملة الشرسة والتمييزية التي شنها ويستمر في شنها اليمين الفرنسي المتطرف ضد الفرنسيين من اصول افريقية او عربية، ويزيد عددهم على ستة ملايين شخص، اربعة ملايين منهم من دول الاتحاد المغاربي.
هولاند يضع الازمة الاقتصادية على قمة اولوياته، ويركز على مكافحة البطالة التي وصلت معدلاتها الى عشرة في المئة تقريبا، من حيث توفير الوظائف للعاطلين، وتحسين الاوضاع المعيشية لسكان الضواحي ومعظمهم من المهاجرين.
ولعل قراره بالذهاب الى برلين للقاء انجيلا ميركل مستشارة المانيا لبحث أزمة اليورو الاقتصادية، والتفاوض حول معاهدة جديدة تصحح الكثير من الاخطاء وتعيد التماسك الى الاتحاد الاوروبي.
هولاند يعارض السياسات التقشفية التي تتبناها المستشارة ميركل لانها الحقت ضررا كبيرا بالطبقات الفقيرة، وفاقمت من ازمة البطالة، وهو يرى ضرورة تبني سياسة اقتصادية جديدة ذات وجه انساني تركز على زيادة الانفاق الحكومي العام مع الاحتفاظ ببعض الاجراءات التقشفية، لان الانفاق يؤدي الى تحريك الدورة الاقتصادية وخلق وظائف للعاطلين.
لا نعرف هوية السياسة الخارجية للرئيس الفرنسي الجديد، والجوانب المتعلقة منها بالشرق الاوسط وشمال افريقيا، فالاشتراكيون يقيمون دائما علاقات وثيقة مع اسرائيل، لكنها اقل انحيازا من سياسة ساركوزي، والمأمول ان يتبنى هولاند سياسة خارجية تقوم على العدل ومناصرة الضعفاء، والوقوف بحزم في وجه السياسات العنصرية الاسرائيلية ضد العرب، وهي سياسة تجسدت في الاستيطان، ونهب الارض ومحاولة فرض اسرائيل كدولة يهودية في المنطقة، وهي كلها سياسات تتناقض مع قيم الجمهورية الفرنسية وقيم الاشتراكية التي تنبذ العنصرية الدينية ومصادرة حقوق الضعفاء الآخرين.
Twier:@abdelbariatwan

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق