الخميس، 10 مايو 2012

ملهاة الانتخابات الجزائرية

ملهاة الانتخابات الجزائرية

أضيف في 08 ماي 2012
تطل علينا أوكار احزاب من زوايا العمارات البالية وواجهات ما كان بامس القريب دكاكين لبيع المواد الغذائية أو الخضار، كالطفيليات التي احتلت مكامن الورد على جسد ربيعنا الذي يأبى الانبعاث، أحزاب خرجت دفعة واحدة من تحت عباءة النظام بضجيج أسمائها اربعين وآمالها الهزيلة في لفت انتباه الشارع إلى شكلها أو معناها، اعتمدها النظام أو عمـّدها بمهمة واحدة لا تتجزأ عبر طيف اختلافها ولا تتنوع ضمن واحدية خطاباتها المملة.. الدعوة إلى المشاركة في الانتخابات والانتكاف عن عزوفنا المعتاد عن مثل هذه المهازل.
أغرب ما في امر ليست دعوات تلكم الدكاكين الدعائية إلى المشاركة، ولكن التبريرات التي تقدمها. تبريرات على شاكلة 'شاركوا لقطع الطريق على التزوير'.
قد يستطيع من- أو ما- أجرى هذا الهذر على ألسن نواب غدنا الذي نعرف ملامحه المرقعة في وجه ماضينا الذي يأبى الانصراف أن يشرح لنا كيف تزور انظمة الشمولية نتائج الانتخابات على الرغم من أنف المشاركة المكثفة أو لماذا لا تزوَّر الانتخابات في البلدان الديمقراطية مع توفر 'مناخ التزوير' في كثير منها حسبهم؛ ضعف الإقبال.
الجزائريون يعلمون أن هنالك معايير يجب أن تتوفر لنزاهة الانتخابات وأن هذه المعايير غائبة تماما في الجزائر لذا يصرون على عدم إهانة ذكائهم بالانقياد لهذا اللغط المفضوح. كما يدركون أن النظام الحاكم الذي لم يقم بأدنى خطوة في اتجاه الإصلاح لا يملك أصلا إرادة التغيير فضلا عن التغيّر.
النظام الجزائري الذي تبقى لعنة عزوف الشعب عن التوجه إلى مراكز الاقتراع تطارده وتؤرقه ليستمر تخبطه في كابوس غياب الشرعية يعترف صراحة بتزوير جميع الانتخابات السابقة، لكنه يقول إن التزوير كان لصالح البلد، وبما أنه الوصي على عقولنا الذي يحدد دائما مصالح البلد، تلك التي وقف الشعب ضدها في اعوام الفارطة بما اقتضى مصادرة قراره، فإنه قرر هذه المرة أن مصلحة البلاد في المشاركة وأن الممانعة أقرب إلى الخيانة لأنها تعطي الفرصة للمتربصين الذين يستهدفون استقرارنا، ولذلك - يؤكد لنا- أنه قرر هذه المرة الامتناع عن التزوير وعلينا أن نصدقه ونقرر الامتناع عن الامتناع - وإلا فنحن أغبياء.
هو يعرف طبعا أننا 'أغبياء' وأننا لن نصدقه لذا يحاول إقناع نفسه بأهمية خطوته الجبارة إلى مكانه ويجرب ألوانا من الاستفزاز اليائس فمرة يستصدر فتاوى بتحريم مقاطعة الانتخابات ومرة يطلق علينا سيلا من الشتائم على ألسنة نوابه المستقبليين الذين وصف بعضهم المقاطعين باغبياء والحمقى وبالمتآمرين على البلد. طبعا على هؤلاء أن يأخذوا في حسبانهم أن اغبياء لا ينتخبون اذكياء، وأن العكس صحيح أيضا.
وعليهم أن يجيبوا عن السؤال الذي يفرض طرحه .. ماذا يقرر الشعب إن قررتم سلفا في أي السبيلين مصلحته، ولماذا لا تكملون جميلكم وتشكلون البرلمان دون الرجوع إليه؟
نظامنا العتيد لا يريد أن يتغير ولا يمكن أن يريد، منتهى آماله ان تكون الانتخابات القادمة حصان طروادة الذي يمر مستترا في صندوقه عبر مطهر الربيع العربي اللاهب إلى نسخة من نفسه مستوحاة من مصر مبارك، أي بضع فضائيات تدور في فلكه للإيحاء بشيء من الانفتاح الإعلامي وبرلمان صوري أكثر تعددا وأكثر عجزا من سابقيه، لكنه يدرك أن خطابه أو السفسطة التي يسعى إلى التستر بها ولو آنيا على إفلاسه تثير اشمئزاز عموم الناس وهي محل سخريتهم لذا نراه يفقد أعصابه ويطل علينا بوجهه البوليسي المألوف ليعتقل أو يخوّن من يتحدث عن الانتخابات في غير الإطار المسموح به؛ المشاركة.
أما احزاب فقد رضيت بدور مخز جدا ، أن يوظفها المستبد لكسر طوق اللاشرعية الذي يحاصره وأن يمرغها على فضائياته الجديدة لتكون شماعة يعلق عليها فشله في كل الميادين، كل ذلك مقابل بعض الفتات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق