الجمعة، 11 مايو 2012

انتخابات الجزائر: المشاركة 43 % تنافس بين التقليديين والإسلاميين


انتخابات الجزائر: المشاركة 43 % تنافس بين التقليديين والإسلاميين

جزائرية أدلت بصوتها في منطقة برج منايل شرق العاصمة أمس (رويترز)
أدلى الجزائريون أمس بأصواتهم لانتخاب ممثليهم في المجلس الشعبي الوطني (البرلمان)، حيث تنافس 44 حزباً من بينها 21 تشكيلاً سياسياً تم الترخيص لها مؤخراً على 462 مقعداً، في وقت أظهرت النتائج الرسمية نسبة مشاركة تناسبت مع ترجيحات حزب «جبهة التحرير الوطني» التي اعتبرها مرضية للنظام الحاكم، حيث بلغت حوالي 43 في المئة مخالفة كافة التوقعات، وتخطت نسبة المشاركة الضعيفة لانتخابات العام 2007 (35 في المئة).
وكانت السلطات الجزائرية تولي أهمية كبيرة لنسبة المشاركة باعتبار أنها أول انتخابات بعد الثورات العربية التي أوصلت الإسلاميين إلى الحكم في كل من تونس ومصر، وبعد الإصلاحات السياسية التي أطلقها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في العام 2011 تفادياً لتداعيات «الربيع العربي».
وأعلن وزير الداخلية الجزائري دحو ولد قابلية أن نسبة المشاركة في الانتخابات بلغت 42,9 في المئة، في ارتفاع واضح عن النسبة المتدنية القياسية التي سجلت في الانتخابات السابقة.
وانحصر التنافس الأساسي بين التيار التقليدي المتمثل بـ«جبهة التحرير الوطني» و«التجمع الوطني الديموقراطي»، في مقابل التيار الإسلامي المتمثل أساسا بكتلة «جزائر الخضراء» المؤلفة من ثلاثة أحزاب هي «حركة مجتمع السلم» و«حزب النهضة» و«حركة الإصلاح».
وفتحت مكاتب التصويت في الساعة الثامنة صباحاً حتى الثامنة مساء أمام أكثر من 21,6 مليون ناخب، علماً بأن العملية الانتخابية انطلقت منذ خمسة أيام للجزائريين المقيمين في الخارج.
ووفقاً لقانون الانتخابات الجديد، فقد أشرفت على الانتخابات للمرة الأولى لجنة انتخابات قضائية، كما تم اعتماد البصمة بدلا من التوقيع، بالإضافة إلى استخدام الحبر الفوسفوري لمنع الناخبين من الإدلاء بأصواتهم أكثر من مرة.
وراقب الانتخابات حوالي 500 مراقب دولي من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية ومنظمة «مؤتمر التعاون الإسلامي».
وقال نائب رئيس اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات التشريعية علي موساوي إن اللجنة سجلت 60 طعناً خلال الاقتراع، من بينها 12 ذات طابع جنائي، مشيراً إلى أنه «ستتم إحالتها (الانتهاكات الجنائية) على العدالة، أما الباقي فنحلّه عن طريق الهاتف» من دون إضافة أي تفاصيل.
ولا يرى العديد من الجزائريين هدفاً من المشاركة في الانتخابات لأن السلطة الفعلية في البلاد تبقى في يد شبكة غير رسمية جذورها ضاربة في قوات الأمن، بالإضافة إلى أن البرلمان يملك سلطات محدودة، وأحزاب المعارضة على صلة مع المؤسسة الحاكمة.
من جهته، أشار رئيس بعثة مراقبي الاتحاد الأوروبي، إنياسيو سانشيز سالافرانكا، بعد بضع ساعات من انطلاق عملية الاقتراع إلى أن العملية «تجري بطريقة عادية ووفق القواعد».
وقال سالافرانكا «فرقُنا كانت موجودة منذ افتتاح مكاتب التصويت عبر الولايات الـ48، ويمكنني القول إن عملية التصويت تجري حتى الآن بطريقة عادية وان الناس يصوتون بحرية وسلميا».
وقال رئيس حزب «حركة مجتمع السلم» أبو جرة سلطاني بعدما أدلى بصوته في بلدة اسطاوالي (غرب العاصمة) إن الانتخابات الحالية تختلف عن سابقاتها لأنها ستكون لها امتيازات جديدة وإن «المقاطعين سيندمون خمس سنوات على الأقل لأن الورقة التي ستوضع في صندوق الانتخابات ستصنع المستقبل وتؤسس لجزائر جديدة، خاصة أن أول وثيقة سيناقشها البرلمان المقبل هي تعديل الدستور».
وأشار سلطاني إلى أن فزاعة التخويف من الإسلاميين انتهت، وتم تجاوزها، موضحا أن الفكر المطروح حالياً هو قدرة كل تشكيلة سياسية على الاستجابة لاهتمامات المواطنين و«القيمة المضافة التي تقدمها لوطنها والمحيط المجاور لها».
بدوره، قال رئيس تحرير جريدة «الفجر» الجزائرية رشدي رضوان لـ«السفير» إنه لا يتوقع أن يفوز أي تكتل بغالبية المقاعد، حيث يشارك في الانتخابات عدد كبير من الأحزاب، أهمها حلف «جبهة التحرير الوطني»، و«التجمع الوطني الديموقراطي» من جهة، وتكتل «جزائر الخضراء» من جهة ثانية، بالإضافة إلى مشاركة نوعية لـ«جبهة القوى الاشتراكية» التي تمثل المعارضة الأمازيغية، مرجحاً أن تكون النتائج متقاربة، مع أرجحية لـ«جبهة التحرير الوطني».
ولفت رضوان إلى عدم وجود أي تسريبات عن نتائج الانتخابات، والمتوقع أن يعلن عنها غداً صباحاً.
من جهته، قال متحدث باسم «جبهة التحرير» لوكالة «فرانس برس» «من دون أن نستبق النتائج، فإن عددا من الملاحظات تؤشر إلى أن جبهة التحرير الوطني ستظل القوة الأولى في البلاد».
ويطمح حزب «جبهة التحرير الوطني» الحائز الغالبية في المجلس المنتهية ولايته إلى تثبيت مكانته في هذه الانتخابات بالرغم من الخلافات الداخلية بسبب اختيار المرشحين، والتي وصلت إلى حد المطالبة بسحب الثقة من الأمين العام عبد العزيز بلخادم.
وتوقع بلخادم أن يفوز حزبه بالانتخابات ويتقدم على الإسلاميين الذين لن يحصلوا برأيه على أكثر من 35 في المئة من الأصوات.
أما في ما يتعلق بالتيار الإسلامي، فمن المتوقع أن يحصل تكتل «الجزائر الخضراء» على غالبية مقاعد الإسلاميين.
ومن بين الأحزاب الإسلامية الأخرى التي تشارك في الانتخابات «جبهة التغيير»، ويرأسها وزير الصناعة الأسبق عبد المجيد مناصرة المنشق عن «حركة مجتمع السلم»، و«جبهة العدالة والتنمية» ورئيسها عبد الله جاب الله الذي توقع ان يحقق حزبه المرتبة الاولى إذا كانــت الانتخـابات نزيهة.
وشاركت في الانتخابات «جبهة القوى الاشتراكية « أقدم حزب معارض بزعامة حسين آيت أحمد بعدما قاطع البرلمان 15 عاماً، و«حزب العمال» اليساري الذي تقوده لويزة حنون، بينما قاطع الانتخابات «التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية» العلماني المعارض.
وكان رئيس اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات محمد صديقي قد أعرب عن خشيته من تزايد عزوف المواطنين عن المشاركة في الانتخابات بنسبة تبلغ أكثر من 80 المئة، في ظل وجود شرائح كبيرة من أفراد المجتمع تعيش حاليا في أوضاع اجتماعية صعبة بسبب عدم توفير وظائف عمل أو وحدات سكنية شعبية.
من جهتها، دعت «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المحظورة، أمس الأول، السلطات الرسمية إلى إلغاء الانتخابات وتنظيم مرحلة انتقالية من خلال تشكيل مجلس تأسيسي تمثيلي تشترك فيه جميع القوى السياسية الشرعية من دون استثناء لإدارة مرحلة انتقالية، وتشكَّل فيها حكومة إنقاذ وطني تشرف على التحضير لانتخابات حرة تعددية وشفافة ونزيهة لنقل السلطة إلى الشعب الجزائري ليسترجع حريته وسيادته. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق